الجمعة، 22 أبريل 2011

من كتاب مهارات تشغيل وصيانة العقول البشرية للدكتور محمد عبد الغني هلال
مرونة التفكير
Flexibility of thinking


المقصود بمرونة التفكير إعادة البناء السريع والمناسب للمعلومات وأنظمة المعارف طبقًا للتطوير والتحديث الدائم.
ومرونة التفكير وتشمل القدرة على تغيير شكل صياغة أو إدراك الأمور عندما لا يكون الشكل السابق فعّالاً.

ولكى نكون أكثر وضوحًا فإن عدم توافر مرونة التفكير كأحد نظم التشغيل فى البرنامج العقلى؛ يعنى الاحتفاظ بنظم التفكير السابق عند تناول الحديث، أى عدم التحرك من الحلول السابقة للمشكلات (المتاحة) إلى حلول جديدة للمشكلات (الممكنة)، وهذا ما نطلق عليه النمطية أو الجمود أو الصلابة فى التفكير.

ولكن كيف يمكن إدخال المرونة ضمن نظام تشغيل العقل البشرى؟

ترتبط المرونة بقدرة العقل البشرى على تحقيق النقلات الديناميكية فى التفكير، وإعادة بناء عناصر التفكير ثم الانتقال عبر مراحل التحليل والتركيب للأفكار.
وترتبط المرونة ارتباطًا كبيرًا بالمثابرة فى البحث عن الحلول المناسبة، حيث إن التسرع يعنى أن تكون الحلول سطحية وضعيفة، فالمرونـة تعنى بالدرجة الأولى اختلاف وتعدد الرؤية بشكل وتقنيات إعداد المشكلة.

وتحتاج المرونة إلى غزارة الأفكار، والغزارة البسيطة لا تكفى من أجل حدوث العملية الابتكارية أو الإبداعية، ولكن يجب أن تكون الأفكار متوسطة أو غزيرة جدًا.

ولكن ماذا تعنى كلمة الغزارة أيضا؟ هل هى غزارة فى الكلمات أو الجمل (ترابط الكلمات) أو فى الأفكار أو المعانى نفسها؟

ويبدو انه من الصعب الإجابة عن السؤال السابق، حيث إنه من الصعب فصل الكلمات عن الجمل أو المعانى عند اعتبار الغزارة الفكرية أساسًا للتفكير الابتكارى أو الإبداعى.
فالغزارة هى جزء من التفكير الذى يعيد إنتاج أفكار جديدة، وهى استعداد كلامى يتعلق بالمؤثرات التربوية إلى حد بعيد.
ولا تنطلق عملية الغزارة الفكرية من فراغ، فهى تحتاج-كما يبدو- إلى المعلومات والتجارب المتراكمة لتحقيق الوعى والفهم المناسب للمشكلات؛ بل وفى اتخاذ القرارات أيضًا.
ولا تشتق المرونة من الاستعدادات الأولية للفرد فقط؛ وإنما ترتبط بخصائص المزاج أيضا، ونمو المرونة يرتبط بالتكامل الحركى وبالنضج الانفعالى، والراحة العصبية تجاه ما يقدمه للواقع من أحداث ومؤثرات. أى نستطيع أن نقول إن ارتباط المرونة بالحالة المزاجية لا يظهر إلا عند أولئك الذين يمسكون بزمام الأمور ويتحكمون بانفعالاتهم.

إن المفكر المبدع قبل كل شىء مرن ومتكيف مع وظيفته العقلية، وهو لا يتوقف عند اللحظة الراهنة؛ بل يعيد أفكاره باستمرار، بينما الإنسان الصارم الجامد يقتنع بالطابع المنطقى للآراء والأفكار المعروضة عليه، ولا يسمـح بدخـول تغييـرات على معرفته التى غالبًا ما يعتبرها حقائق كلها.
ومثل هذا الإنسان تكون المرونة لديه معطلة؛ حيث يعمل تفكيره فى إطار نظام من النمطية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق