الأحد، 20 مارس 2011

تطوير العشوائيات - الجزء الأول للدكتور محمد عبد الغني هلال

الإعتماد علي النفس عامل ضروري في تطوير العشوائيات

الجزء الأول

يمثل الإعتماد على النفس في مجال تنمية الموارد المجتمعية أكثر مما يعتقد أو يظن البعض ، فهو ليس مجرد أسلوب يستخدمه الفرد أو المجتمع للتحسين أو التطوير، بل هو قيمة في حياة الأفراد و المجتمعات تدفعهم لتعبئة و بذل الجهود الفردية و الجماعية لإستخدام الموارد المتاحة و الممكنة بأقصى درجات الكفاءة لتحقيق أو دعم الأهداف المطلوبة .

و الإعتماد على النفس عندما يكون هو الوسيلة أو الإستراتيجية الرئيسية لتحقيق أو بلوغ الأهداف ، فهو يعني أننا نستمد الإنجاز المباشر من قوى حقيقية ظاهرة و كامنة تولد قوة دافعة للوصول إلى مراحل و أهداف متتالية و متنامية ، و عندما يُسخر الفرد أو المجتمع إمكاناته و موارده الحقيقية لتحقيق أهدافه ، فإنه يستطيع أن يحقق الإبتكار والإبداع الذاتي و تقديم طرق و مستويات أفضل للعمل .

و ليس المقصود - كما كان يُعتقد قديماً أن الإعتماد على النفس يعني العمل الفردي أو الفردية بما يحمله هذا المضمون من جواز إستغلال إمكانات و موارد الآخرين وسلب المميزات و المنافع منهم و التفوق عليهم . و لكن فكرة الإعتماد على النفس هي نقيض ذلك ، فهي مفهوم يهدف إلى الإستخدام الصحيح لموارد الأفراد و المجتمع عن طريق التحفيز و التعبئة لتحقيق أفضل النتائج و الوصول إلى قمة الممكن و الهروب من قاع المستحيل .

و لكن هل يُعتبر الإعتماد على النفس مفهوماً جديداً ؟

ولدت فكرة الإعتماد على النفس مُنذ بدء الخليقة ، حيث كانت تغلب صور و أساليب الحياة الفردية ، و اعتمد الإنسان على التجربة و الخطأ و تكرار المحاولة للوصول إلى الأشكال المعقولة و المميزة فيما يتعلق بالإساسيات المطلوبة له لكي يستمر حياً .

و كانت الفردية في البداية أكثر تأثيراً حيث كان المجتمع يحترم الأقوى و يخضع له لأنه يمتلك القدرة على العطاء ، و كان مفهوم القدرة أو العطاء هو ما يملكه من قوة عضلية و مادية ، إلا أنه مع تطور المجتمعات البدائية و من خلال ممارسات الإنسان استطاع الإنسان أن يطور فكرة الإعتماد على النفس بصورة أفضل ، حيث لم يعد يعتمد على قوته البدنية فقط ، و لكن ظهرت أهمية إستخدام عقله و فكره و إن لم يكونا في نفس قوته العضلية.

و تنامت فكرة اللجوء للعمل لصالح الفرد في المناطق العشوائية ، وفي نفس الوقت العمل بروح الفريق لصالح الجماعة ، و لذلك ظهرت أفكار الزراعة و الصيد و الإنتاج الجماعية ،و إتخذتها كثير من المجتمعات وسيلة لتحقيق تقدم و نمو سريع.

و قد أيدت الديانات السماوية و دعمت فكرة الإعتماد على النفس كقيمة إنسانية كبيرة ، بحيث تكون في صالح البشرية و ألا تتحول إلى أداة للإستغلال. و قد عانت البشرية كثيراً من أساليب القهر و العبودية حيث كانت أداة هذه القوى السيئة هي قتل روح الإعتماد على النفس في المناطق المتخلفة ( العشوائية ) و التي يمارس فيها الإستغلال المجتمعي والسياسي سطوته، و لذلك عمل على قتل روح الفريق التي ندرك أهميتها وشدة حاجتها لها و هي ما كانت تنادي به تحت عنوان الحرية والإستقلال.

و مازالت هناك بعض القنابل الموقوتة التي تهدد إعتماد الناس على أنفسهم و هي التي خلفتها نُظم الإستغلال السابقة حيث زرعت بذور التفرقة و الصراع بين الفئات والمجموعات والإجناس والأديان مما ساعد على تحطيم قدراتها و إمكاناتها و التي كانت أساساً للتوجه نحو الإعتماد على النفس.

الإعتماد على النفس ليس هدفاً في حد ذاته ، و لكنه إتجاه يرتبط بالقيم والمعتقدات السائدة في المجتمع و هو يُعبر عن إمكانات الفرد و الجماعة . وترتبط النتائج بمدى الإيمان و مقدار السعي من خلاله لتحقيق الأهداف .



والي البقية في القريب

دكتور محمد عبد الغني هلال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق